برلين ـ ماي مول
في الوقت الذي أعلنت فيه المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، عن قبول بلادها أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين، وغيرهم من الفارين إلى أوروبا، تطالب حركات في ألمانيا بإغلاق الأبواب أمام المهاجرين.
وقبل أيام، تظاهر الآلاف من مؤيدي «حركة الوطنيين الأوروبيين ضد أسلمة الغرب»، أو ما بات يعرف اختصاراً باسم «بيغيدا»، احتجاجاً على سياسة الانفتاح التي تبنتها برلين إزاء اللاجئين. وتمكنت الحركة المتطرفة من حشد عشرات الآلاف من مناصريها في مدينة دريسدن، الواقعة شرق البلاد. وخلافاً للمرات الماضية، لم يقم ناشطون أو أحزاب بتنظيم تظاهرات مضادة . وبعد أن منعت الحركة المتطرفة من تنظيم مسيرات وتظاهرات في وسط المدينة، في السابق، سمحت لها سلطات المدينة هذه المرة بتنظيم الاحتجاج في الساحات الرئيسة.
ووقف مؤسس حركة «بيغيدا»، لوتس باكمان، أمام المحتجين في دريسدن، قبل أكثر من أسبوع، وبدا واثقاً أكثر من أي وقت مضى، وهاجم سياسة حكومة ميركل الخاصة بالهجرة، وأثنى على الزعيمة اليمينية المتطرفة في فرنسا مارين لوبان، المعروفة بعدائها للأجانب خصوصاً المسلمين منهم. وقال باكمان إنه يتمنى حضور لوبان ورئيس وزراء المجر فيكتور أوربان (المعادي للمهاجرين أيضاً)، خلال الاحتفال بالذكرى الأولى لتأسيس الحركة العنصرية، في نوفمبر المقبل. كما رفرفت الأعلام الروسية في التظاهرة إلا أن زعيم الحركة لم يجرؤ على دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على الأقل أمام الحضور ووسائل الإعلام.
وتعالت شعارات عدوانية في الاحتجاج الأخير للحركة، فيما هاجمت بعضها الحكومة في برلين. ورُفع شعار يقول: «ألمانيا تسرع إلى الهاوية، أوقفوا السياسيين الخونة الذين يفتحون الأبواب للاجئين». وكتب على شعار آخر: «الإسلام ليس جزءاً من ألمانيا، سيدة ميركل!»، وطالب المحتجون بالإيقاف الفوري لتدفق المهاجرين. ومع ذلك، لا يرى المراقبون أي صلة بين الحركة المتطرفة و«منظمة النازيين الجدد»، التي اتهمت بالهجوم على مركز لإيواء اللاجئين في «هيدينو»، على بعد كيلومترات من دريسدن. ويتهم بعض المحتجين المستشارة الألمانية بأنها تميل إلى الشيوعية، لأنها درست في موسكو عندما كانت ألمانيا مقسمة إلى شطرين.
وكانت حركة «بيغيدا» المعادية للإسلام في ألمانيا قد حصدت 10% من الأصوات في الانتخابات البلدية في معقلها بمدينة دريسدن، يونيو الماضي، ما شكل نتيجة مفاجئة في أول امتحان انتخابي لها، بعد تراجع عدد المشاركين في تظاهراتها الأسبوعية، وتزايد المسيرات ضدها.
ويقول سائق شاحنة في دريسدن شارك في التظاهرة الأخيرة، إن «البلد وصل إلى حالة الامتلاء»، مضيفاً «أصبحنا نؤوي المهاجرين في فنادق من فئة أربع نجوم». ويرى السائق أن ألمانيا هي الأكثر «غباء»، مقارنة بالبلدان الأوروبية الأخرى، وفي حين لم يعترض على مساعدة اللاجئين إلا أنه طالب بمساعدتهم في بلدانهم الأصلية. ويضيف المشارك في الاحتجاجات ضد المهاجرين: «المسلمون لا يريدون الاندماج، تحدث جرائم شرف في العائلات التركية منذ ثلاثة أجيال». وبالنسبة لهذا السائق الألماني فإن الهجرة تعتبر مأساة وطنية، قائلاً “انظروا إلى مرسيليا ودينسبورغ، مثلاً، فنسبة العرب والسود فيهما تقارب 80% من إجمالي السكان”.
ويرى مراقبون أن كراهية الأجانب لاتزال موجودة بقوة في الشطر الشرقي من ألمانيا؛ إذ لايزال كثير من سكان البلدات والقرى والأرياف يرفضون الاختلاط مع الأجانب ويترددون في التعامل معهم. وفي ذلك يقول عمدة مدينة «ساكس أنهالت» سابقاً، ماركوس نيرت، إن الاتجاه العام في الشرق غير مرحب باللاجئين، لكن الداعمين لجهود التكفل بالمهاجرين الجدد يتزايدون يوماً بعد يوم، وقد فتحت أنهالت مركزاً لاستقبال اللاجئين، إلا أن مجهولين هاجموا المركز وأحرقوه في أبريل الماضي.