دبي . ماي مول
حذر أطباء أطفال واختصاصيون اجتماعيون من ميل الأطفال وتفضيلهم الألعاب الإلكترونية على الألعاب الرياضية، لما تحمله من تأثير سلبي في الأطفال يتسبب في إصابتهم بـ10 أعراض صحية ونفسية، وقد تجعلهم عرضة لإدمان الألعاب الإلكترونية وعدم القدرة على التخلي عنها، فيما دعت دائرة الصحة في أبوظبي جميع آباء وأمهات الأطفال إلى ضرورة ترشيد استخدام الأطفال للألعاب الإلكترونية على ألا تتجاوز مدة استخدامها من ساعة إلى ساعتين في اليوم وتحت إشراف عائلي.
وتفصيلاً، حدد أطباء أطفال وصحة نفسية، واختصاصيون اجتماعيون ونفسيون، 10 أعراض يمكن أن تصيب الأطفال نتيجة تمضية اليوم أمام الألعاب الإلكترونية والأجهزة الذكية، تتضمن الأنانية والعدوانية، والتأثير السلبي في نوم الطفل، والانعزال عن الآخرين، والعنف والتنمر، والاضطرابات النفسيّة المزمنة والعصبية المفرطة، وعدم القدرة على التواصل مع الآخرين، وخطر الاضطرابات التي ترتبط بالسمنة وأمراض القلب، بالإضافة إلى آلام الظهر والمعصم، وإجهاد العين، والصداع.
وقال مدير إدارة خدمات المجتمع بدائرة الصحة في أبوظبي، الدكتور جمال المطوع النقبي: «نعيش في عصر أصبحت التكنولوجيا تحيط بنا وبأطفالنا من كل جهة وصوب، في المنزل والمدرسة والخارج، وأصبح أولادنا أكثر ارتباطاً بها ممن حولهم، ولا يمكن منع الأطفال من الاستمتاع بتطور عصرهم والتكنولوجيا، لكن من الضروري الموازنة بين استخدام التكنولوجيا مثل الألعاب الإلكترونية والحفاظ على صحتهم التي يمكن أن تتأثر بسوء وطول استخدامها».
وأضاف: «من الآثار السلبية التي تسببها الألعاب الإلكترونية على صحة الأطفال، آلام الظهر والمعصم، إجهاد العين، الصداع، الضغط النفسي، الإرهاق البدني، واضطرابات النوم والسمنة من بين المخاطر والمشكلات الصحية المحتملة التي قد يتعرض لها الأطفال بسبب الاستخدام المفرط للألعاب والأجهزة الإلكترونية»، مشيراً إلى أن وضعية جلوس الأطفال غير المريحة والجلوس لفترات طويلة أمام الجهاز الإلكتروني قد يؤديان إلى حدوث شد عضلي في الظهر والكتف، فضلاً عن شعورهم بالتعب الشديد والإرهاق الناتج عن البقاء في وضعية واحدة لفترة طويلة وما قد يصاحبها من ضعف حركة الدورة الدموية والضغط على العضلات والمفاصل.
فيما أفاد أخصائي طب نفس الأطفال، محمد شاهين، إلى أن الألعاب الإلكترونية تهدّد بتغيّر سلوك الطفل لأنها تدفعه إلى الأنانية والعصبية، كما يمكن أن يكتسب منها سلوكيات التنمر، لافتاً إلى أن هذه الألعاب تؤثر بشكل مباشر في معدلات النوم الهادئ لدى الأطفال، وفي قدرتهم على التركيز والانتباه، بالإضافة إلى أن الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية يصيب الطفل بعادات الميل إلى الوحدة ما يعرض الطفل لمشكلات نفسية وصحية مثل التوتر والقلق وضعف الشخصية والخوف من مواجهة الآخرين والميل إلى الوحدة.
وذكرت أخصائية العيون، نهى حمدي، أن الجلوس أمام الأجهزة الإلكترونية فترات طويلة يؤثر في مستوى نظر الأطفال، ويصيبهم بأمراض في الشبكية، مشيرة إلى ضرورة تقليل فترة جلوس الأطفال أمام هذه الأجهزة إلى أقل وقت ممكن، وأن يكون هناك إشراف أسري على ذلك حفاظاً على صحتهم.
وأكد اختصاصيو أطفال، أسامة فخر، ومحمد عابدون، وأحمد حمدي، أن الأضرار التي تصيب الأطفال نتيجة قضاء فترات طويلة أمام شاشات الأجهزة الذكية، وممارسة الألعاب الإلكترونية تشمل التأثير في معدلات النوم الهادئ والقدرة على التركيز والانتباه، والاضطرابات التي ترتبط بالسمنة وأمراض القلب، والانعزالية والانطوائية، ما يسهم في ارتفاع نسبة الإصابة بمرض طيف التوحد بين الأطفال.
فيما أكد اختصاصيون اجتماعيون ونفسيون في مدارس حكومية وخاصة، محمد رياض، وعلاء فتحي، ومريم خلفان، ومها نميري، وغادة سليمان، وشروق خالد، أن أكثر من 90% من طلبة المدارس يقضون معظم أوقاتهم أمام شاشات الأجهزة الذكية، لافتين إلى أن الفسحة المدرسية كشفت لهم حجم تعلق الطلبة بهذه الأجهزة بعد أن تحولت من وقت للمرح والحركة والنشاط إلى وقت هدوء وصمت نتيجة انشغال كل طالب بهاتفه المحمول.
وأكدو أن الألعاب الإلكترونية لم تعد مصدر القلق الوحيد على الأطفال، وذلك بعد تغلغل التطبيقات الذكية في المنظومة التعليمية ما جعل تعلق الطلبة بالأجهزة الذكية ظاهرة مقلقة، خصوصاً بعد أن أصبحت معظم الخدمات التعليمية تتم عبر الأجهزة الذكية واستخدام الـ«آي باد» في الدراسة والواجبات المدرسية، إضافة إلى استخدام هذه الأجهزة في الحصول على الدروس الخصوصية، ما زاد من تعلق الطلبة بهذه الأجهزة وتحولها إلى عنصر أساسي في حياتهم لا يمكن الاستغناء عنه.
من جانبها، أوصت دائرة الصحة في أبوظبي، جميع آباء وأمهات الأطفال إلى ضرورة ترشيد استخدام الأطفال للألعاب الإلكترونية على ألا تتجاوز مدة استخدامها الساعتين في اليوم مع وجود الأهل، وأن تكون الألعاب ذات محتوى تفاعلي تعليمي تثقيفي، مع منع الأطفال من عمر (0- 2) من مشاهدة الشاشة على الإطلاق، مشيرة إلى أن الإفراط في استخدامها قد يعرض صحة الأطفال للمخاطر ويؤدي إلى مشكلات صحية محتملة.
مشكلات اجتماعية وعاطفية
أفادت دائرة الصحة في أبوظبي، بأن المسح الصحي العالمي لطلبة المدارس في دولة الإمارات عام 2015، أظهر أن نحو 56% من طلبة المدارس في الدولة من عمر 13-15 سنة يمضون ثلاث ساعات أو أكثر يومياً في استخدام الألعاب الإلكترونية أو مشاهدة التلفاز، وترتفع هذه النسبة لتصل إلى نحو 63% لدى الفئة العمرية 16-17 سنة، لافته إلى أن الأطفال الذين يفرطون في استخدام هذه الألعاب قد يواجهون مشكلات اجتماعية وعاطفية وسلوكية مثل الانعزال الاجتماعي، الخوف الاجتماعي، القلق والكآبة وضعف الأداء والتحصيل العلمي في المدرسة.
دور الأسرة في حماية الأطفال
أكد أطباء أطفال واختصاصيون اجتماعيون، أن الآباء والأمهات هم القدوة وصانعو التغيير في حياة الأطفال، إذ تقع على عاتقهم مسؤولية وضع قواعد للاستخدام السليم للألعاب الإلكترونية، فضلاً عن إشراك أبنائهم في الألعاب الحركية والنشاطات الاجتماعية والرياضية التي تنمي مهارات التواصل الاجتماعي، وتعزز مهاراتهم اللازمة لنموهم وتطورهم الجسدي والعقلي السليم.
ودعوا الآباء والأمهات إلى ضرورة التحدث مع الطفل عن اللعبة التي يحبها واكتشاف سبب تعلقه بها، وتخصيص أوقات للعب مع أطفالهم واختيار ألعاب تنمي الحس الفكري والذكاء عندهم، مؤكدين أهمية إبعاد الأطفال عن الألعاب الفردية وإشراكهم في ألعاب نشاطات رياضية وفنية وتنمية عادة القراءة لديهم ومشاركتهم فيها، وعدم تركهم فريسة للألعاب الإلكترونية التي قد تعرضهم لمخاطر جمة.