دبي. شيماء محمد
لم تعد “القرية العالمية” مقصدا سياحيا هاما يجذب سكان وزوار دبي كل عام، بل أصبحت مقصدا أسبوعيا للعائلات المقيمة في الإمارات، ومقصدا شهريا لابناء دول الخليج، الذين تجذبهم القرية بعروضها التجارية وحفلاتها وفعالياتها المتجددة كل يوم.
تفتح القرية ابوابها سنويا لتستقبل ملايين الزوار ليجد كل منهم ما يتمناه التسوق والترفيه أجواء البهجة والسعادة.
وعلى مدار مايزيد عن مائة وخمسين يوما تهب لزوارها فرص التسوق بين منتجات قارات العالم السبع، وتمنحهم فرصة خيالية للتجول بين ثقافاتها وحضاراتها ومعالمها الشهيرة، فبمجرد ان ت طأ قدمي الزائر ارض القرية، تستقبله الاجنحة والمجسمات الضخمة لكل دولة من دول العالم، ويعج كل جناح بالمحلات التي تتنوع بها المنتجات الوطنية لكل دولة، لتنجح القرية في استقطاب ما يقرب من مليون ونصف مليون زائر شهريا من مختلف انحاء العالم ليكتشف كل منهم ثقافة وفنون ومنتجات وحياة الاخر .
“ماي مول” تجولت في “القرية العالمية” ورصدت برج ايفيل بأضوائه المبهرة، المسلات والتماثيل وجدران المعابد المنقوشة بالكتابة الهيروغلفية شاهدا على الحضارة الفرعونية العريقة، وعلى الجانب الاخر الغابات الافريقية السمراء التي تتزين بعاجها وانياب افيالها وجلود حيواناتها المفترسة، وبين الاروقة تتطاير رائحة العود الخليجي والمسك العربي الممزوج بروائح الفطائر المصرية والتوابل الهندية التي تعبق المكان برائحتها المميزة التي تنقلك في ثوان معدودة الى قلب القارة الاسيوية، لتجد نفسك مسافرا محلقا من دولة لاخرى دون ان تمنعك الحدود او تحتاج لجواز سفر.
تنتشربالقرية الاجنحة العملاقة لعشرات الدول التي تم انشاء مجسمات جديدة لها، ليعكس تصميم كل جناح معلما مميزا تشتهر به هذه الدولة، وامامه يقف مواطنون بازيائهم الشعبية، يرحبون بالزوار ويقدمون لهم مشروباتهم وحلواهم المحلية التي يشتهرون بها، وينادون على بضائعهم بكلماتهم الرنانة وحركاتهم الجاذبة التي تخطف اسماع وابصار الزوار .
وتتميز القرية بأنتشارالساحات الخضراء التي تزيد مساحتها عن 33 ألف متر مربع، لامتاع النظر واراحة النفس، يجد الزائر نفسه في منتجع من الاراضي الخضراء والاضواء الملونة والنوافير الراقصة والاستعراضات العالمية، والعروض التي تتمحور حول ثقافات وحضارات الشعوب.
وفي كل جناح، تنتشر متاجر، تعرض ابرز السلع والمنتجات التي تنتجها الدولة، والاكلات الشعبية، والمنتجات التراثية، وتقدم عروضا لرقصات وفنون محلية، لتتحول القرية العالمية “لنقطة تلاقي الشعوب مختصرة العالم في زيارة واحدة”.
في الجناح التركي تنتشرالمنتجات ذات الطبيعة الشرق أوسطية المعبقة بالعطور التقليدية، والقفطانات، والمصنوعات اليدوية الفخارية، وتفوح رائحة وعطور وكريمات ومنتجات تجميل سلطانات العصر العثماني.
تقول العمانية سلوى المزاحمي التي تحرص على زيارة القرية كل شهر بصحبة عائلتها، انها تعدها ابرز الاماكن في دبي للتسوق لما تضمه من خيارات ممتعة تتناسب واذواق، وانها من عشاق المنتجات التركية خاصة عطر الزهر التركي الذي لا مثيل له في العالم لما يتميز به من كونه طبيعي وخالي من المواد الكيمائية، فنحن كنساء لنا النصيب الاكبر في منتجات القرية العالمية، حيث اننا نحتاج الى زيارات عديدة ولا نكتفي بمرة لكي نقتني ما نريد من منتجات مميزة، حيث انها توفر علينا عناء السفر الى الخارج لجلبها، مضيفة ان هذا الجناح يتميز بالمشغولات المطرزة والقفطانات التركية، والمعروضة بشكل بديع وباسعار لا تزيد عن 300 درهم.
زيارة واحدة..لا تكفي
اما الجناح السعودي الذي تفوح منه رائحة المسك والعنبر والبخور الخليجي ترى الاسر السعودية التي تغرق في المنتجات الفاخرة من العبايات ، فبين الشيل والاقمشة الحريرية تقف ام سعود سارحة بين مجموعة من اجمل العبايات الخليجية لتختار لها وبناتها ابهى الالوان واحدث الصيحات لتكون لهن بمثابة ذكرى لا تنسى من القرية وتبتسم قائلة: نأتي سنويا في هذا الوقت من العام خصيصا للتجول في القرية العالمية فهي تغني عن زيارة اوربا بمحلاتها الشهيرة التي تجذب الباحثات عن التميز ، ونقضي في القرية اكثر من 6 ساعات، في كل زيارة ولاتكفي، فنكررها لعدة ايام، مضيفة انها طافت دول اوربية واسيوية عديدة، لكنها لم ترى مشروعا يجمع اشهر معالم العالم في منطقة واحدة مثل هذه القرية، فهي تجمع بين منتجات فاخرة وجودة عالية واخرى بأسعار في متناول الجميع لتوفر متعة التسوق لمحدودي الدخل قبل الاثرياء.
تلاقي الجنسيات
اما أحمد المريسي، وهو مقيم مصري في الشارقة فيحرص على زيارة القرية بصورة شبه اسبوعي كل موسم.
ويقول لـ”ماي مول” ما يميز هذا المشروع السياحي انه يجمع كافة اجناس البشر، وتكفي جولة في هذه القرية لترى فيها أصحاب البشرة السمراء القادمين من أعماق أفريقيا يقفون جنبا إلى جنب وأصحاب الشعر الأشقر من أبناء القارة الأوربية، والى جوارهم الصينيون بعيونهم الضيقة، ومواطني جنوب شرق آسيا واستراليا وأمريكا الجنوبية، لتجد ابن السودان بجلبابه الابيض، يلتقي المصري الصعيدي بعمامته المميزة، واليابانية مرتدية الكيمونو الشهير، والهندية بالساري المزركش، والمكسيكي بملابسه المزركشة وقبعته العريضه.
وتشير الصينية جان فيد التي جاءت بصحبة صديقها ان القرية العالمية تقدم لزائر كل منتجات العالم على طبق واحد وان اكثر ما جذبها الجناح الصيني الذي تميز هذا العام بتوفير تشكيلة فريدة من الأثاث الصيني التي ضمت جلسات الباندا، وأعواد الطعام، والمفكرات الإلكترونية، والكتب، ومنتجات الإستعمال اليومي بجانب من العروض التي لا تصدق على القمصان والملابس الحريرية والتي يصعب إيجاد مثيل لها في المنطقة، مؤكدة ان المتعة لا تكتمل من دون تجربة الشاي الصيني التقليدي، المعروف بشاي توت الجوجي، وناي جوان ين، ووولونج تي ذات الفوائد الصحية العديدة.
الجناح المصري
على انغام الربابة والمزمار الشعبي يتراقص الطفل اياد علالذي ي لا يتعدي السبع سنوات مع فرقة الفنون الاستعراضية التي تقدم اجمل الرقصات الصعيدية والساحلية المصرية، وتذكر والدته التي تحمل اكياس الملوخية والكركدية والعرقسوس والتوابل ان القرية العالمية تعد من اهم المزارات التي تقصدها الأسر المصرية المقيمة في الامارات، وانها تشعر بعودتها الى مصر وذكرياتها فيها كلما تجولت في الجناح المصري واستنشقت رائحة الكشري والفول والطعمية التي تفوح في المكان بالاضافة ان ابنائها يلتقطون الصور التذكارية مع البائعين الذين يرتدون الملابس الفرعونية ويكتبون الاسماء باللغة الهيروغلفية على اوراق البردي او يحفرونها على المنقوشات النحاسية والخشبية التي تنقل كل من يزور هذا الجناح الى حي خان الخليلي بكل تفاصيله وفنونه التي تمتع الابصار، متمنية ان تفتح ابوابها طوال العام فاربعة اشهر لا تكفي لإكتشاف كافة اقسامها بما تحوية من منتجات خاصة والقرية تفاجئ زائريها سنويا بثقافات ومعالم جديدة ودول يجهل الكثير منا حضارتها وفنونها وتراثها.
ثقافات عالمية
وعلى باب الجناح الافريقي يقف الشباب الاسمر لوتو ليني مرتدي ملابسه الافريقية المصنوعة من جلود والمزين بالريش ليدعوك لرحلة للغوص في المنتجات القارة السمراء ويعد الجناح الافريقي هو المكان المناسب لاصطياد الصفقات الغريبة وغير المألوفة، حيث يتميز بعرض طيف واسع من المنتجات الجميلة المنحوتة يدوياً، كالمقاعد وطاولات الشاي الكينية التقليدية التي تتميز بجودتها العالية التي تبقى لسنوات عديدة، كما يضم جناح أفريقيا العديد من القطع المصنوعة والملونة يدوياًمثل التحف الفنية التي تتميز بألوانها الباهية وقطع الديكور كاللوحات الزيتية وسلال الفواكه وأغطية الطاولات التيتعود في أصلها إلى كينيا والسنغال وزيمبابوي، وجنوب أفريقيا.
وعلى باب الجناح الفيتنامي نرى فتاة آسيوية مرتدية قبعة ” نونلا” المصنوعة من الخيزران والخشب لتدعوك لرحلة للغوص في المنتجات الفيتنامية من اللوحات الفنية والاقمشة الحريرية التي تذكر المارة بطبيعة هذا البلد ومزارعه الخضراء وحقول الأرز، بالاضافة لتشكيلة واسعة من المنتجات الصديقة للبيئة المصنوعة من الخيزران والتي تشمل الأثاث المنزلي والأواني وأدوات المطبخ، والاعمال الفنية المزخرفة بالالوان المائية والخشب والبامبو والصدف والسيراميك.
وعلى الجانب الاخر تقف اليابانية اوشين بالكيمونو الاحمر المميز لتبتسم بعينها الضيقة ومروحتها الصغيرة لترحب بالزائرين وتدعوهم لمشاهدة المنتجات يابانية الصنع والاستمتاع برقصات كاسات الماء والنار التي تظهر دقة ونظام الفن الياباني.
وبرائحة العطور الخليجية، يستقبلك الجناح السعودي بالمنتجات الاصيلة التي تعكس حضارة شبه الجزيرة العربية الغنية والتي تشمل التمور والعسل والملابس والبخور والعطور، والتي يتنافس الباعة لترويج لمنتجاتهم واستقطاب الزوار بحفاوة تعكس كرم الضيافة الأصيلة المعروفة عند العرب بتقديم القهوة والتمر الفاخر.
5 ملايين زائر
ويقول أحمد حسين بن عيسى الرئيس التنفيذي للقرية العالمية إن القرية تعتبر مشروعا فريدا من نوعه على مستوى العالم من حيث المضمون والمحتوى، وتنجح في استقطاب ملايين الزوار سنويا من كل دول العالم، مايؤهلها لمنافسة دول سياحية كبرى، وشهدت القرية نمواً كبيراً منذ انطلاقها في عدد الدول، وارتفع عدد الزوار من 500 ألف عام 1996 إلى ما يزيد عن خمسة ملايين زائر تقريبا كل عام.