يتابع العالم حاليا أزمة قناة السويس، وجهود إعادة سفينة الحاويات العملاقة “إيفر غيفن” إلى مسارها في الممر المائي، الذي يمر به نحو 12 بالمئة من حركة التجارة العالمية.
رغم أن توقعات الخبراء حتى الآن لا ترى أن هذه الأزمة ستتجاوز اليومين، وسط أحاديث عن وصول فرق إنقاذ متخصصة إلى الممر الملاحي لمساعدة السفينة على العودة إلى مسارها، إلا أن استمرار تعطل الحركة الملاحية لمدة أكثر من يومين قد يعيد حسابات الخطوط الملاحية العالمية.
ويخشى العالم من حدوث اضطرابات في سلاسل إمدادات الطاقة العالمية، بسب هذا الحادث.
وقد تضطر شركات التكرير الأوروبية والأميركية التي تعتمد على الممر المائي الحيوي لشحن نفط الشرق الأوسط، إلى البحث عن إمدادات بديلة في حالة استمرار وقف الحركة الملاحية، مما قد يؤدي إلى زيادة أسعار الخيارات البديلة، وفقا لمارين ترافيك المتخصص في تعقب حركة السفن والشحن البحري.
وفي الوقت ذاته، سيؤدي استمرار توقف حركة الملاحة بقناة السويس إلى توقف إمدادات النفط الخام من حقول بحر الشمال المتجهة إلى آسيا.
ولكن كم مرة تم إغلاق قناة السويس في وجه الملاحة الدولية؟
منذ افتتاح القناة عام 1869 في حفل مهيب وبميزانية ضخمة، وحتى وقتنا الحالي، تأثرت قناة السويس منذ إنشائها بالعديد من التقلبات السياسية والحروب على مر العصور التي أدت إلى تعرضها للإغلاق 8 مرات ليس كلها بسبب الحروب أو الأزمات السياسية فقط بل بسبب جنوح سفينة أو ناقلة أو بسبب العوامل الجوية.
الإغلاق الأول
المرة الأولى التي أغلقت فيها قناة السويس أمام حركة الملاحة وعبور السفن، كانت بعد افتتاح قناة السويس بـ 13 عام، وذلك في أعقاب الثورة العرابية في عام 1882، نتيجة الأحداث التي شهدتها البلاد والمقاومة العرابية لمنع الاحتلال الإنجليزي لمصر، ودام الأمر لمدة يومين.
المرة الثانية، كانت في 10 يونيو 1885، عندما اصطدمت كراكة مع سفينة، وأدّى ذلك إلى غرق الكراكة وتعطّلت الملاحة 11 يوما.
والثالثة، في 2 سبتمبر 1905 عند الكيلو 18، عندما اصطدمت سفينتان، ما أدّى إلى اشتعال النار في إحداهما، وتسبّبت هذه الحادثة في تعطيل الملاحة 10 أيام.
الحروب العالمية
والمرة الرابعة كانت في فبراير 1915، حيث توقّفت الملاحة في القناة بسبب الحرب العالمية الأولى وغرق عدد من السفن في بوغاز بورسعيد.
والخامسة، أثناء الحرب العالمية الثانية في الفترة من 28 أغسطس 1940 إلى 27 يوليو 1942.
العدوان الثلاثي
والسادسة كانت في سبتمبر 1952 بسبب غرق إحدى السفن عند الكيلو 85 في القطاع الشمالي بالقرب من مدينة بورسعيد.
والسابعة، بسبب العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 حين أغرق داخلها 48 سفينة وقاطرة وقطعة بحرية، وأعيد افتتاحها في عام 1957.
نكسة يونيو
وكان الإغلاق الثامن، عقب حرب 5 يونيو 1967، وهو ما تسبب في توقف قناة السويس ومنع مرور السفن فيها لمدة 8 سنوات، بدأت من 5 يونيو 1967 إلى 4 يونيو 1975، وهي الفترة التي تكبد العالم فيها خسائر فادحة بسبب إغلاقها، مما اضطر السفن إلى اللجوء إلى طريق رأس الرجاء الصالح والمرور حول إفريقيا، حتى افتتحها الرئيس الراحل أنور السادات في 5 يونيو 1975 بعد توقيع اتفاقية فض الاشتباك الثاني بين مصر وإسرائيل
ممر عالمي
من جانبه، وصف نائب رئيس هيئة قناة السويس الأسبق وائل قدور قناة السويس بأنها “ممر عالمي فريد، ومن أهم القنوات الملاحية في العالم التي ترتبط بمجال التجارة العالمية”.
وقال قدرو، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”، إن نحو 10 بالمئة من حجم التجارة العالمية و22 بالمئة من تجارة الحاويات تمر بقناة السويس.
وكشف قدور أن العام الماضي شهد مرور 18830 سفينة، بحمولة تتجاوز 1.7 مليار طن، وهذا يظهر أهمية القناة بالنسبة للتجارة العالمية.
همزة الوصل بين الشرق والغرب
وقال عميد كلية النقل البحري بالأكاديمية العربية للعلوم محي السايح إنَّ قناة السويس توفر بين 8 إلى 11 يوما أمام السفن المارة من الشرق الأقصى إلى أوروبا، بالمقارنة بما ستستغرقه إذا ما أخذت الخط الملاحي التقليدي المار بطريق رأس الرجاء الصالح.
وأضاف السايح، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”، كل من يهتم ويتعامل مع التجارة الدولية سواءً كان أفراد أو شركات أو دول، وكذلك من يتعاملون في قطاعي الاستيراد والتصدير ونقل البضائع، يعلمون تماما أهمية قناة السويس كممر ملاحي عالمي لا غنى عنه، وخصوصا فيما يتعلق بالبضائع التي يمثل الوقت عنصرًا مهمًا لها.
وتابع السايح أنه من المعروف أن معظم مراكز الإنتاج على مستوى العالم موجودة حاليا في منطقة الشرق الأقصى بدول عدّة من بينها اليابان والصين وإندونيسيا وماليزيا، أما مراكز التوزيع والاستهلاك فموجودة في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا وأميركا، ومن ثمَّ فقناة السويس كممر ملاحي هيّ همزة الوصل بين مراكز الإنتاج ومراكز الاستهلاك.
إنهاء التوقف التاسع
وفي ذات الإطار، كشف رئيس هيئة قناة السويس المصرية الفريق أسامة ربيع، تفاصيل “السيناريو الجديد” الذي اتبعته الهيئة لتعويم سفينة الحاويات العملاقة “إيفر غيفن”، العالقة بالقناة منذ صباح الثلاثاء الماضي.
وقال ربيع في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن فريقا من شركة الإنقاذ الهولندية “سميت” وصل إلى قناة السويس، الخميس، مشيرا إلى أنها “أكبر شركة عالمية في مجال تعويم السفن العالقة”، حيث جرى وضع “خطة جديدة” لاحتواء الموقف.
وأوضح رئيس قناة السويس أن “السيناريو الجديد يتضمن إجراء عمليات تكريك بمنطقة جنوح السفينة بالكيلومتر 151، بدأت الخميس، على أن تبدأ أعمال الشد الجمعة”.
وشدد ربيع على “استمرار أعمال التكريك حتى الآن عن طريق (الكراكة مشهور)، وهي إحدى الكراكات التابعة للهيئة، مع مراعاة طبيعة التربة بالمنطقة المحيطة بجنوح السفينة والمسافة الآمنة معها”، لافتا إلى أنه سيتم الدفع بـ9 قاطرات لإجراء محاولة شد السفينة الجمعة.