دبي ـ ماي مول
اجتازت في سويسرا كبسولة، تشبه التابوت، مخصصة للقتل الرحيم الطوعي جميع الاختبارات القانونية.
وتسمى هذه الكبسولة Sarco (ساركو) وصنعت باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد. والشخص الذي قرر مغادرة هذا العالم إلى الآخرة، عندما يكون في داخلها، يبدأ بنفسه عملية القتل الرحيم الطوعي، بعدها تمتلئ الكبسولة بغاز النتروجين وينخفض فيها تركيز الأوكسجين من 21 إلى 1%.
وخلال هذه العملية التي تستمر 30 ثانية فقط، يشعر الشخص بالارتباك وبعض النشوة وبعدها يفقد الوعي ويموت بسبب الجوع الأكسجيني. والمهم في الأمر، أن الشخص لا يشعر بالذعر أو الاختناق.
ووفقاً لمنظمة “أكزيت إنترناشيونال”، قد يتم تشغيل كبسولة مَصنوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد مُخَصَّصة للموت الرحيم بشكل قانوني في سويسرا. وتحمل هذه الآلة غير العادية التي طورها طبيب أسترالي تسمية “ساركو”.
في عام 2020، اختار حوالي 1300 شخص إنهاء حياتهم بشكل إرادي في سويسرا، من خلال اللجوء إلى خدمات أكبر مُنظَمَتين متخصصتين في الانتحار بمساعدة الغير (أو ما يسمى بالقتل الرحيم)، هي “أكزيترابط خارجي” Exit (وهي غير مرتبطة بـ “أكزيت إنترناشيونال” المذكورة أعلاه) و”ديغنيتاس” (Dignitas). وفي الوقت الحالي، فإن الطريقة المُستخدمة للموت الاختياري هي من خلال تناول مادة بنتوباربيتال الصوديوم السائلة.
بعد تناول هذا العقار، ينام الشخص خلال دقيقتين إلى خمس دقائق، قبل أن يدخل في غيبوبة عميقة، يتبعها الموت بعد فترة وجيزة. أما كبسولة “ساركو” فتقدم نهجاً مُختلفاً للموت الهادئ، دون الحاجة إلى استخدام مواد خاضعة للرقابة.
وأوضح الدكتور فيليب نيتشكي، مؤسس منظمة “أكزيت إنترناشيونالرابط خارجي” Exit International المُسجلة في أستراليا، عن بعض المعلومات بشأن كبسولة “ساركو” التي طوَّرها، والتي تشبه التابوت في شكلها، وحَول المكانة التي يَتوقع أن تحتلها في مجال الموت الاختياري في سويسرا.
وقال نيتشكي إن جهاز “ساركو” عبارة عن كَبسولة مَصنوعة بِتِقَنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، تَسمَح لِمُستخدمها الراغب في الموت بتشغيلها من الداخل. ويُمكن سَحب هذه الآلة ووضعها في المكان الذي يرغب الشخص المعني بإنهاء حياته فيه. وقد يكون هذا في بُقعة هادِئة في الهواء الطلق، أو في مَبنى إحدى المنظمات التي تقدم المساعدة للأشخاص الراغبين بالانتحار.
ولتشغيل هذه الكبسولة، يستلقي الشخص بداخلها – وهي مريحة للغاية. إثر ذلك، سوف يُطرَح على الراغبين في الموت عدد من الأسئلة، وعقب أجابتهم، يمكنهم الضَغط على زر خاص موجود داخل الكبسولة لتفعيل آلية العمل في الوقت الذي يناسبهم.
هذه الكبسولة – القابلة للانفصال – مُثبتة على قاعدة ثلاثية الأبعاد تحتوي على عبوات النيتروجين السائل التي ينطلق منها الغاز إلى الكبسولة، مما يُقَلِّل من مستوى الأوكسجين بشكل سريع من 25% إلى أقل من 1%. وينتج عن ذلك شعور الشخص بنوع من الضبابية، كما قد يشعر ببعض النشوة قبل أن يفقد وعيه. والموت يحدث كنتيجة لنَقص الأكسجة ونَقص ثاني أكسيد الكربون في الدم على التوالي. ولا يُصاحب هذا الإجراء أي شعور بالذُعر أو الاختناق.
ويضيف نيتشكي: “لقد سعينا في العام الماضي للحصول على مشورة من كبار الخبراء بخصوص مشروعية استخدام “ساركو” في سويسرا في مجال المساعدة على الانتحار. وقد تم الإنتهاء من هذه المراجعة ونحن سعداء جداً بالنتيجة التي وجدت إننا لم نَغْفَل أي شيء. وفي الوقت الحالي، لا توجد عوائق قانونية على الإطلاق”.
وتابع “لدينا نموذجان أوليان من ساركو حتى الآن، وهناك نموذج ثالث قيد الطباعة في هولندا. وإذا جرت الأمور على ما يرام، يجب أن تكون الآلة الثالثة جاهزة للتشغيل في سويسرا في عام 2022”.
النموذج الأول من “ساركو” معروض في معرض ثقافة القبوررابط خارجي في مدينة كاسل بألمانيا من سبتمبر 2021 إلى فبراير 2022. أما النموذج الثاني، فلم يكن مُرضياً من الناحية الجمالية على ما يبدو. لذا، ولأسباب أخرى مختلفة، فإنه ليس الأفضل للاستخدام.
وأدَّت حائجة كورونا إلى تأخر بعض المشاريع التكميلية لـ “ساركو”، والتي من ضمنها تطوير كاميرا تسمح للشخص بالتواصل مع الأشخاص في الخارج. يجب أن يكون هناك تسجيل للموافقة المستنيرة للشخص. وقد تم التكليف بإعداد ذلك، والخطوة التالية تكمن في التنفيذ.
وعن هدفه المُعلن، وهو نَزْع الطابع الطبي من عملية الاحتضار، أوضح نيتشكي: “في الوقت الحالي، لا بد أن يكون إجراء الموت الرحيم تحت إشراف طبيب أو مجموعة من الأطباء لوصف عقار بنتوباربيتال الصوديوم والتأكد من القدرة العقلية للشخص. نحن من جهتنا، نريد إلغاء أي نوع من المراجعة النَفسية من العملية، والسماح للأفراد بالتحكم في الطريقة بأنفسهم”.
وتابع “إن هدفنا هو تطوير نظام لتحديد القُدرة العقلية للشخص من خلال الذكاء الاصطناعي. هناك الكثير من الشكوك بطبيعة الحال، ولا سيما من قبل أطباء النفس. لكن مفهومنا الأصلي يقتضي إجراء الشخص لاختبار على الإنترنت والحصول على رمزٍ للوصول إلى ساركو”.
وقال “لقد تحدثنا إلى مجموعات مختلفة في سويسرا، بما فيها تلك التي عملنا معها بالفعل في حالات الإنتحار بمساعدة الغير، بغية توفير ساركو للاستخدام في البلاد. وسوف يكون دخولنا إلى سويسرا بالتعاون مع منظمة محلية. وباستثناء أي صعوبات غير متوقعة، نأمل أن نتمكن من استخدام ساركو في سويسرا في العام المقبل. لقد كان مشروعاً مُكلفاً للغاية حتى الآن، ولكننا نعتقد أننا أصبحنا على وشك التنفيذ الآن”.
ويسافر العديد من الأجانب إلى سويسرا لوضع نهاية لحياتهم بمساعدة منظمات مختصة، مع العلم أنّ الانتحار بمساعدة تلك المنظمات يعتبر خيارًا قانونيًا للمرء.
ووفقًا لفيليب نيتشكي، يحدث الموت بعد فقدان الوعي، في بيئة تكون فيها نسبة الأكسجين أقل من 1%، بعد حوالي 5 إلى 10 دقائق.