أبوظبي ـ مهاب الشريف
في عمق صحراء العاصمة الإماراتية أبوظبي تقع واحات ليوا، التي تمزج بين تجمعات الماء وبين كثبان وتلال الرمال الذهبية اللافتة للانظار، وهي واحدة من اشهر المناطق الخليجية التي تزرع النخيل وتنتج أجود أنواع التمور.
وعلى أرض واحات ليوا، يقام أكبر مهرجان في العالم للبلح والتمر والرطب، يجذب عشرات الالف من السائحين والمزارعين والمهتمين بزراعة النخيل وإنتاج البلح.
المهرجان الذي يحمل اسم “مهرجان ليوا للرطب” يتكون من مجموعة خيام فاخرة تحيطها الخضرة، وداخلها تتراص سلال الرطب والتمر، بمختلف الألوان والاحجام، لتشكل متحف مفتوحا امام عشاق هذه الثمار من مختلف الجنسيات.
ومن يتجول بين اجنحة المهرجان يرى زوارا من دول اسيا المختلفة، وسائحون من اوربا، واخرون قدموا من دول عربية مختلفة، يمرون بين سلال البلح، ذات الألوان الحمراء والصفراء والسوداء، ويستمتعون بتذوق اجود أنواع البلح.
ويحرص الزوار على التقاط صور تذكارية مع سلال البلح، خاصة الأنواع ذات الحجم الكبير، وذات الألوان اللافتة.
وتدخل سلال التمر مسابقات كبرى لإختيار “ملكة جمال البلح”، وتكريم المزارعين الذين يقدمون التمر ذو الجودة العالية، والرطب مختلف الألوان والاحجام والانواع، ويحصل المزارعون والعارضون الفائزون على جوائز كبرى تبلغ قيمتها ستة ملايين درهم (نحو 1.6 مليون دولار).
ويشهد المهرجان تقديم الجوائز للفائزين في مسابقات “المزرعة النموذجية” و “بلح النخبة”، ومسابقة “أجمل مجسم تراثي”، بحضور أصحاب المزارع المشاركة وعدد كبير من عشاق النخيل وزوار المهرجان.
وينال الفائزون العشر الاوائل بمسابقة المزرعة النموذجية جوائز تبدأ من 500 ألف درهم إلى مليون و500 الف درهم، وهي أعلى جوائز بالمهرجان.
وتتمثل معايير تقييم المزرعة النموذجية بالنظافة العامة للمزرعة، استخدام أساليب الري الحديثة الموفرة للمياه، الالتزام بالشروط والضوابط العامة لمكافحة الآفات الزراعية، ويشترط أن تكون المزرعة مُحدّدة بسور وبوابة، بالإضافة إلى توفير سكن ملائم للعمال، الى جانب توافر أماكن تخزين للمنتجات الزراعية، وأماكن تخزين للمدخلات الزراعية كالمبيدات والأسمدة، وتوفير أماكن لمخلفات المزرعة.
وتنظم اللجنة المسؤولة عن المهرجات مسابقات متنوعة، منها مسابقة افضل واجمل الرطب، ضمن فئات الخنيزي، الخلاص، الدباس، بومعان، الفرض، النخبة الرئيسي، والنخبة التشجيعي، إضافة لمسابقة أكبر عذج، وتمنح الجوائز للفائزين الخمسة عشر الأوائل في كل فئة.
كما تنظم مسابقة للتصوير الفوتوغرافي والنشر عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي و”الانستجرام”، فضلا عن مسابقات تراثية وشعبية تقام بشكل يومي.
وقال عبيد خلفان المزروعي، مدير المهرجان، إن “مهرجان ليوا للرطب” يعتبر منصة تعنى بإحياء التراث وإعطاء الصورة المثلى للعادات والتقاليد التي يتميز بها أبناء الإمارات، إلى جانب تسويق منتجات مزارع النخيل من الرطب بأنواعها المختلفة وتشجيعهم على التوسع بزراعة الأصناف الجيدة من التمور، وزيادة العائد الاقتصادي للأسر من إنتاج وتسويق الرطب، فضلا عن اتاحة الفرصة أمام الجمهور للتعرف على الزراعة في الإمارات والتي باتت تشمل أنواعا مختلفة من الفاكهة والخضروات.
وأكد أن المهرجان الذي يقام في اشهر الصيف من كل عام، بات مقصدا لأصحاب مزارع النخيل وأبناء الإمارات وعشاق النخل، وتحول الى منصة تعريفية ومجلسا للالتقاء وتبادل الخبرات حول زراعة النخيل ومواسم الرطب، وكيفية حماية مزارعهم من اية اضرار.
وتابع: اصبح مهرجان ليوا منصة تحفيز اقتصادي، ومنصة لإحياء التراث وتقاليده العريقة من خلال الأنشطة والبرامج المتنوعة، التي تقام على مساحة تزيد عن 20 ألف متر مربع، ليتحول بذلك إلى محطة رئيسة على خارطة المهرجانات السياحية.
ويكمل المزروعي: شهد المهرجان في دورة هذا العام توافد نحو 70 ألف زائر، من بينهم عدد كبير من السائحين الأجانب الذين قدموا للاستمتاع بمشاهد التراث الإماراتي الأصيل.
وأضاف: يحرص المهرجان على تشجيع المزارعين لبذل المزيد من الجهود والاهتمام بزراعة النخيل وفق أرقى المعايير والشروط الزراعية العالمية، مايسهم في تطوير العمل الزراعي في الإمارات وتعزيز جودة ونظافة المزارع، ويحفز السكان على تطوير مزارعهم والاهتمام بها.
ويضم المهرجان، الذي تنظمه لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي، سوقا شعبية، تعرض منتجات يدوية صنعتها اماراتيات، ونسبة كبيرة من هذه المعروضات مصنوعة من مشتقات النخيل.
ويتكون السوق من 125 محلاَ تعرض التحف والهدايا وبهارات وأعشاب، وصناديق خشبية، وملابس تراثية ومشغولات يدوية تراثية ومسابح، وأواني منزلية، وملابس أطفال، ولوحات تراثية، وحناء، ومشغولات يدوية، وحلوى، إضافة إلى بعض المأكولات الشعبية مثل اللقيمات والرقاق والحلوى المحلية.
وتقول السائحة البريطانية باربرا بيل لوكالة الانباء الألمانية (د.ب.ا) انها تحرص سنويا على زيارة مهرجان ليوا، كونه مهرجان فريد من نوعه، ويقدم اصنافا وانواعا مميزة من البلح.
وتضيف “يتاح لنا التعرف على أنواع غير منتشرة من البلح، ولانجدها الا في هذه المنطقة، وبعضها يتميز بمذاق شديد الحلاوة، يجذب كثيرين لشرائه”.
اما السائحة مارتين ديمي فتقول “اتجول انا وابنائي بين معروضات مهرجان ليوا من أنواع البلح، واتعرف على اسمائها، واحرص على تذوق أنواعا كثيرة منها، الى جانب التقاط صور تذكارية الى جوار سلال البلح التي يتم اعداها بعناية شديدة، لتتحول الى سلال ذات اشكال قريبة من اللوحات الفنية بالوانها الزاهية”.
وتضيف “احرص أيضا على التجول في السوق التراثية، التي تعرض منتجات يدوية صنعت باتقان شديد من قبل نساء الامارات، وهي منتجات مشتقة من الياف وسعف النخيل، مايجعلها اشبه بالتحف، وذات قيمة عالية”.
ويقول خالد عابد، وهو مصري مقيم في دبي “على الرغم من ان المسافة بين دبي وليوا تزيد عن 300 كيلو متر، الا اني احرص على زيارة المهرجان الذي يقام سنويا، حتى اتابع احدث ما وصل اليه العلم في مجال زراعة ورعاية النخيل”.
ويكمل “نزرع النخيل في مصر، ووجودي في مهرجان ليوا يساعدني على جمع الكثير من المعلومات التي تفيدني في الحفاظ على زراعتي، وتطويرها، وجني اجود أنواع البلح”.
ويشير عابد الى ان “المهرجان يجمع اشهر وابرز مزارعي النخل، ومزارعون يمتلكون مزارع متميزة من مختلف انحاء الامارات وسلطنة عمان، ودول الخليج، الى جانب مزارعين من دول عربية يقدمون انتاجا متميزا من البلح، مايجعله ملتقى فريد من نوعه لتبادل الخبرات بين المزارعين ومنتجي التمور والرطب”.