أبوظبي. ماي مول
يعاني الملايين من سرطان الدم وتسجل المملكة المتحدة سنوياً نحو 6 آلاف حالة جديدة من الورم النقوي أو النخاعي (أوشسنير.أورغ)
وأسفرت تجارب غير مسبوقة على علاجات للسرطان عن نتائج “مبهرة جداً” مع وصول مصابين بحالات سرطانية خطرة إلى هدأة تامة من أعراض المرض وعلاماته استمرت طوال أشهر وأعوام من الزمن، وفق أحد المستشفيات الرائدة وفق اندبندنت عربية.
وفي تصريح أدلت به مؤسسة “كريستي فاونديشن ترست” التابعة لـ”هيئة الخدمات الصحية” البريطانية (“أن إتش أس”) Christie NHS Foundation Trust في مانشستر بإنجلترا، ذكرت أن تجاربها في علاج سرطانات الدم من قبيل “الورم النقوي” أو النخاعيmyeloma (مايلوما) [نوع من السرطان يصيب الخلايا البلازمية الموجودة في نخاع العظم] تشهد استجابة الغالبية العظمى من المرضى إثر العلاج، مع اختفاء الأعراض أو خمودها على مدى أشهر وأعوام لدى مصابين بحالات خطرة من المرض.
في الوقت الحاضر تجري مؤسسة “كريستي أن إتش أس فاونديشن ترست” نحو 30 تجربة سريرية على سرطان الدم، من بينها خمس تجارب على “الورم النقوي”، علماً أنه يظهر في الخلايا البلازمية في نخاع العظام.
كثير من المرضى في التجارب نفدت لديهم خيارات العلاج الأخرى أو لم يتبق أمامهم سوى القليل منها، مما يجعل النتائج الأخيرة التي حققها العلاج التجريبي أكثر إثارة للدهشة [والأمل].
وتحدثت في هذا الشأن استشارية أمراض الدم في مؤسسة “كريستي أن إتش أس فاونديشن ترست”، الدكتورة إيما سيرل، فقالت إن مجموعة من أدوية العلاج المناعي الجديدة، علماً أنها لا تزال في المرحلة التجريبية ولم تحظ بعد باسم حتى، تقود إلى تراجع في نسبة السرطان في أجسام بعض المرضى، مثل المصابين بالورم النخاعي، إلى مستويات ضئيلة جداً يتعذر رصدها.
وأضافت الدكتورة سيرل أن “نتائج هذا النوع من التجارب، أي استخدام أدوية تسمح للجهاز المناعي في الجسم برصد الورم النقوي ومهاجمته، مذهلة جداً”.
“مع الاكتفاء باستخدام الأدوية التجريبية وحسب، قالت الدكتورة سيرل “نلحظ استجابات لدى أكثر من ثلثي المرضى الذين استنفدوا أصلاً الخيارات العلاجية التقليدية”.
وعند الجمع بين هذه الأدوية وأدوية أخرى نشهد استجابات في أوساط أكثر من 90 في المئة من المرضى”، أوضحت الدكتورة سيرل.
كذلك ذكرت أن أدوية العلاج المناعي المستخدمة أصلاً في علاج بعض أنواع السرطان الأخرى، ستغير تماماً مسار علاج سرطان الدم.
وأضافت الدكتور سيرل أن “هذه الأدوية تمثل إنجازاً بالغ الأهمية في علاج هذا النوع من السرطانات، إذ تترتب عنها هدأة للمرض لدى المرضى الذين لم يتبق أمامهم أية خيارات علاجية تقليدية، وفي حالات كثيرة طوال أشهر أو أعوام”.
“عند استخدام الأدوية بمفردها تحقق تراجعاً في الأعراض يستمر بين عام وعامين لدى معظم المرضى”، وفق الدكتورة سيرل.
“وعند استخدامها مع أدوية سرطان “مايلوما” الأخرى”، تشرح الدكتورة سيرل، “فمن المحتمل أن تدوم الاستجابات والتأثير على الأجل المتوقع للحياة لفترة أطول”.
وقالت الدكتورة سيرل التي تتلقى تمويلاً من المؤسسة الخيرية “كريستي أن إتش أس فاونديشن ترست”، إنها لم تتوقع أن يعمل العلاج المناعي جيداً في حالات سرطان الدم، مضيفة أن “هذه نتائج رائعة حقاً”.
عموماً تبقى السيطرة على سرطان الدم صعبة، وغالباً ما يلاحظ الأطباء أن المصابين شديدي المرض [يكابدون أعراضاً مضنية] بسبب تضرر جهازهم المناعي بالكامل.
وفي العادة يبقى مرضى “مايلوما” على قيد الحياة لمدة ثلاثة إلى خمسة أعوام، على رغم أن أحدث البيانات تشير إلى أن 10 أعوام قد مرت على نصف المرضى ولم يفارقوا الحياة.
وتسجل المملكة المتحدة سنوياً نحو ستة آلاف حالة جديدة من الورم النخاعي، وعلى رغم أن بعض العلاجات المناعية الجديدة المشمولة في الاختبارات ليست متاحة حتى الآن سوى في التجارب السريرية في مانشستر ولندن، ومن المأمول استخدامها على نطاق أوسع في مختلف أنحاء المملكة المتحدة.
واحدة من بين مرضى “الورم النقوي” المشاركين في تجربة سريرية في “مؤسسة كريستي” ممرضة أطفال سابقة تدعى جان روس وتبلغ من العمر 57 سنة، من جنوب ليفربول.
وتطرقت الدكتورة سيرل إلى حال هذه المريضة فقالت إن “جان تحصل على نوع من أدوية العلاج المناعي إلى جانب أحد الأدوية التقليدية المعتمدة”.
“نعلم أن الدواء (التقليدي المعتاد) وحده لم يعد يجد نفعها على ما يرام في حال هذه المريضة، ولكن يبدو أنه في هذه التجربة يساعد العلاج المناعي في العمل بصورة أفضل”، أضافت الدكتورة سيرل.
وبدأت روس علاجها من “الورم النقوي” في نوفمبر 2022، وفي غضون سبعة أشهر فقط وصلت إلى حال من الهدأة التامة من الأعراض، وجل ما واجهته روس تمثل في آثار جانبية طفيفة إلى حد ما خلفها الدواء الجديد، مثل تقصف الأظفار وتراجع حاسة التذوق لديها.
وقبل العلاج المناعي كانت روس تلتقط العدوى تلو الأخرى، ولكنها لم تكابد أي عدوى منذ بدء العلاج الجديد.
والآن أصبحت روس قادرة على الاستمتاع بالحياة، وقد زارت فرنسا أخيراً في أول عطلة لها منذ أن أصيبت بالمرض، وفي هذا الصدد قالت “منذ تشخيص إصابتي بالورم أخذت أدوية مختلفة كثيرة، ولكل منها آثار جانبية كانت صعبة حقاً وأثرت سلباً في نوعية حياتي”.
“تتعذر السيطرة على ورم “مايلوما” إلا لفترات قصيرة من فترة العامين ونصف العام الأول بعد الإصابة”.
ولكن “بفضل هذا الدواء التجريبي الجديد المذهل يخمد المرض ولا يمكن رصده إلا بعد سبعة أشهر”،على حد قولها.
وتحث روس كل مريض تتناسب حاله مع شروط الدواء التجريبي أن يأخذه بكل ثقة أو أن يتعرف أقله إلى الخيارات المتاحة أمامه.