دبي . ماي مول
يأتي انضمام فنلندا لحلف الناتو كأسرع عملية انضمام في تاريخ الحلف، لتصبح بذلك العضو الـ 31 فيه، وبما يسهم في تعزيز قدرات «الناتو» الذي يُواجه تحديات مفصلية، لا سيما في ضوء التطورات الجيوسياسية الحالية.
على الجانب الآخر، فإن روسيا، التي أعلنت عن تعزيزات بمناطق غرب البلاد، قد حذّرت من كون تلك الخطوة من شأنها «زيادة مخاطر نشوب صراع»، طبقاً لوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، الذي لوّح الأسبوع الماضي بورقة السلاح النووي، عندما أشار إلى جاهزية بعض الطائرات العسكرية التابعة في بيلاروسيا لحمل رؤوس نووية.
وفي هذا السياق، يشرح محللون في تصريحات لـ «البيان» أبرز التداعيات المحتملة لانضمام هلسنكي للحلف، وتأثير ذلك على الحرب في أوكرانيا، والصراع بين روسيا والغرب.
تصعيد
يقول خبير العلاقات الدولية، د.حامد فارس لـ «البيان»، إن انضمام فنلندا للحلف من شأنه أن يصعد الأمور بشكل كبير بين «الناتو» وروسيا؛ على اعتبار أن هلسنكي لها حدود مشتركة مع روسيا تمتد لأكثر من 1300 كم، كما أنه سوف يرفع عدد القوات المسلحة على الحدود مع روسيا إلى 300 ألف مقاتل، موضحاً أن قيام «الناتو» بعد ذلك ببناء قواعد عسكرية على الحدود من جهة فنلندا هو أمر من شأنه أن يشكل تهديداً للأمن القومي الروسي، وهو ما يتنافى مع العقيدة الروسية التي أقرها الرئيس فلاديمير بوتين، والذي لوّح باستخدام الردع الاستراتيجي حال تعرض الأمن القومي الروسي للتهديد.
ويعتقد بأن تلك الخطوة سوف تزيد من حجم الصراع ليخرج إلى ما هو أبعد من الأراضي الأوكرانية، حتى مواجهة مباشرة بين روسيا و«الناتو»، خاصة أن انضمام فنلندا يفتح الباب لانضمام دول أخرى مثل لاتفيا وإستونيا، وهو ما يؤدي لتأجيج حدة الصراع.
قدرات
ويرى خبير الشؤون الأوروبية من بروكسل، محمد رجائي بركات، أن انضمام فنلندا السريع لحلف الناتو لا يُشكل عملية استفزازية بالنسبة لروسيا، بقدر أنه «من مصلحة الناتو التوسع وأن تضاف دول جديدة لدعم قدرات الحلف العسكرية والمالية».
ذلك بخلاف القدرات التكنولوجية والتقنية التي تتمتع بها فنلندا، والتي يُمكن أن «تزيد القدرات الدفاعية لمراقبة الحدود مع روسيا». ويلفت بركات إلى أن انضمام فنلندا للحلف يسهل الطريق نحو القطب الشمالي الغني بالثروات، وبما يصب في مصلحة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.
ولا يعتقد خبير الشؤون الأوروبية بأن ذلك الانضمام سيؤثر بشكل سريع على مجريات الحرب في أوكرانيا (..) موضحاً أن موسكو متخوفة وبالتالي تعمل على تعزيز قواتها على الحدود مع فنلندا تحسباً لأي طارئ، وفي حال قيام دول «الناتو» بنشر قواعد عسكرية على الحدود سوف تتخذ روسيا إجراءات صارمة في مواجهة ذلك. ويشير الخبير في الشؤون الروسية، رئيس المركز الثقافي الروسي العربي، مسلم شعيتو لـ «البيان» إلى أن انضمام فنلندا إلى «الناتو» يشكل انعكاساً سلبياً على الأمن الروسي وعلى العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية مع فنلندا.
ويضيف أن الحلف قد يحاول استخدام الحدود الممتدة بين فنلندا وروسيا، من أجل الضغط على الجيش الروسي لكي ينشر ما يتناسب من قوات على هذه المساحة وبالتالي إضعاف تواجده في هذه المناطق، بينما روسيا قد تلجأ إلى الأسلحة المتطورة وأجهزة المراقبة والتجسس لدرء أخطار إمكانية استخدام الأراضي الفنلندية كقاعدة ضدها، موضحاً أن «فنلندا لا تبتعد كثيراً عن المدن الأساسية في روسيا، وعن القاعدة العسكرية الموجودة بالقرب من الحدود