Breaking News

بعدسة السير ويليام هاي.. صور من دبي تعود إلى عام 1937

دبي. ماي مول

يربط الباحث المعلومة بالمجتمع الذي ينتمي إليه ويتفاعل معه، ويرتبط به ارتباطاً وثيقاً، خاصة في عالمنا المعاصر، الذي ينتمي إلى المدارس الحديثة.

والتي تُعلّم بدورها الجيل الجديد، كيف يكون باحثاً عن المعلومات وجمعها، وبطريقة ممنهجة طوال حياته، وفي جميع المجالات التي توفرها المصادر، من المحاضرات والندوات إلى مصادر تتمثل بالكتب والصحف والدوريات…

المتوفرة اليوم في الشبكة المعلوماتية العنكبوتية، وهي أسرع الطرق، إلا أن بعض الأبحاث تحتاج منهجاً استكشافياً واستدلالياً، وبالتالي، إلى سفر وزيارة إلى المصدر المتمثل بالمكان نفسه أو المقر، للمزيد من الرؤى.

وفي إطار جولة قمت بها بحثاً عن صور قديمة لإمارة دبي، بهدف ضم المزيد منها إلى ألبوم صور خاص عن إمارة دبي، يعود إلى النصف الأول من القرن العشرين، ويرتبط برحالة ومستكشفين عبروا ميناء الإمارة، خلال محطات أسفارهم في معبر الخليج العربي، وهم يجوبون بلاد الرافدين إلى الهند أو العكس، فكان سفري هذه المرة إلى مقر الجمعية الجغرافية الملكية في العاصمة البريطانية لندن.

والواقع في المدخل الرئيس من امتداد طريق (المعارض) الشهير، وعند مدخل جانبي إلى جنوب منطقة كنيغستون، والأخيرة أحد أهم الأحياء الثقافية في أوروبا كلها، وليس في بريطانيا وحسب.

حيث تقع الجمعية بالقرب من أهم المعالم الثقافية هناك، كالمتاحف الكبرى والمكتبات، لأجد الطلاب والباحثين والمسافرين المستقلين كلهم في تلك المنطقة الثرية بالمصادر، وبالأخص في الجمعية الجغرافية الملكية، التي تزخر بملايين الخرائط القديمة الطبيعية المرسومة في بدايات القرن العشرين، وملايين الصور الفوتوغرافية لمنطقة الشرق الأوسط والهند، والدول التي كانت بريطانيا تسيطر عليها في تاريخها.

وعلى الرغم من أن الجمعية نشأت عام 1830 م، لأغراض استعمارية ثقافية، بزعم رسم ملامح ثقافة الشعوب والمجتمعات من خلال المعالم البيئية.

لكننا لا نستطيع إنكار دور الجمعية اليوم في تقديمها المنح للباحثين الجادين، وخدمات علمية وبصرية لصور نادرة من كل أنحاء العالم، في مبنى الجمعية الصغير جداً، والمبني من الطوب الأحمر الإنجليزي، ومدخل عبارة عن استقبال صغير، وتوقيع دخول أنيق، لا يتطلب أوراقاً ثبوتية، بل مجرد توقيع الباحث الزائر، وكتابة ساعة الدخول، وكأنك تدخل مكتبة رسمية، ومن ثم تهبط السلم الصغير الدائري، لتجد مكتبة صغيرة إلكترونية بامتياز.

وبوجود ستة حواسيب مثبتة، يمكن البحث عن اسم أي بلدة، أو شخصية، لكن دون أن تظهر الصور المطلوبة أو الخرائط، إلا أن هناك رقماً لكل سجل يتم البحث عنه، وعلى الباحث تسجيل تلك الأرقام وتقديمها، ليتم تحضيرها من المخازن الكبرى الخاصة بالجمعية، وتحديد موعد لليوم التالي أو الذي يليه، ليتم توفير الطلب.

وبالنسبة لي، فكان ما طلبت في صندوقين كرتونييّن بحجمين مختلفين يمتلآن بالصور القديمة المغلفة بغلاف شفاف لحمايتها، مع كتابة يدوية قديمة بالقلم الحبر وبعضها بالرصاص، لاسم الصورة وتاريخها، في دلالة على فرزها ضمن ترتيب قديم، قِدم الصور أثناء أرشفتها وترقيمها.

أخرجتُ من الصندوق كل صور إمارة دبي بالأبيض والأسود، والتي تعود إلى عام 1937 م، للمصور البريطاني السير ويليام روبيرت هاي (1901 – 1962).

والذي مر بدبي وسكنها أياماً قليلة، ليأخذ هذه اللقطات، وكان في منتصف الثلاثينيات من عمره، وهي صور جميلة، قد تكون موجودة عند البعض، ولأنها صور مميزة وواضحة، وأغلبها صُوّر حول الخور، لقوارب وسفن وسوق ومتسوقين وشوارع داخلية، إلى جانب مبنى الجمارك، فمن الجدير كتابة مادة حولها.

من هوايات السير ويليام هاي، أنه كان يحب شراء بطاقات التهنئة المطبوعة، وحين أصبح عضواً في الجمعية الجغرافية، كمصور وهاوٍ، أصبح يستخدم بعض ما يصوره في بلاد الشرق، ليشارك لقطاته الخاصة أصدقاءه في المناسبات.

هذا بالإضافة إلى احترافه التصوير الفوتوغرافي، فإنه أيضاً فنان ومنتج، سافر بدعم من الجمعية من أجل التقاط المزيد من الصور لمناطق كانت تعد ضمن الإمبراطورية الشرقية لبريطانيا العظمى آنذاك، كالهند.

إضافة إلى صور للخليج العربي وبلاد الرافدين… وأخيراً، فإن هذه الصور التي تحتفظ بها الجمعية الجغرافية الملكية، تُعرفنا إلى أن السير ويليام هاي، قد تم تفويضه عملاً، وليس من الرحالة، كما كنت أتوقع، لتبقى هذه اللقطات مرآةً وتاريخاً لزمن مر عليه سبعة وثمانون عاماً.

Check Also

مقتل ممثل “يمني” بعد إطلاق النار عليه أثناء تصوير مسلسل في بني مدسم

دبي. ماي مول لقي ممثل يمني مصرعه بعد إصابته برصاصة، أثناء تصوير مشهد تمثيلي بمنطقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.