أبوظبي. ماي مول
كشفت عمليات مسح بالأشعة السينية لغزاً بشأن مومياء مصرية عمرها 3000 سنة، موضحةً كيف تم تحنيطها بعدما ظلت مخبَّأة في تابوت محكم الغلق تلك المدة الطويلة دون وجود فتحات.
وتمكَّن العلماء من رؤية شينيت-آ بوضوح لأول مرة، ما ساعدهم على الوصول إليها داخل التابوت المحكم وفهم أسرارها، وذلك حسبما ذكر موقع صحيفة «ديلي ميل» البريطانية.
وعلى مدى سنوات، فتَّش الباحثون عن فتحة بالتابوت، ولم يجدوا سوى فجوة صغيرة بالقرب من قدميها التي لم تكن كبيرة بما يكفي لتناسب جسدها.
وجعل عدم وجود فتحات أو نقاط دخول مرئية في نعش شينيت-آ الباحثين غير قادرين على الوصول إلى رفاتها، لكن عمليات المسح المقطعي المحوسب الجديدة أزالت بعض الأسئلة التي حيَّرت العلماء عقوداً من الزمن.
وعندما فحص الفريق التابوت بواسطة جهاز التصوير المقطعي المحوسب، نجحوا في رؤية الجانب السفلي بشكل أكثر دقة، حيث بدأوا في رؤية خط خياطة يمتد على طول الظهر وبعض الأربطة، كما قال جيه بي براون، كبير أمناء الحفظ لعلم الأنثروبولوجيا.
مكانة اجتماعية
وقدَّر الباحثون في متحف فيلد في شيكاغو أنها كانت في أواخر الثلاثينيات أو أوائل الأربعينيات من عمرها عندما توفيت، وأكدت الجهود التفصيلية أنها كانت ذات مكانة اجتماعية عالية.
وكشفت المسوحات الجديدة أن السدة الفرعونية عاشت في العصر الانتقالي الثالث في مصر، خلال الأسرة الثانية والعشرين، وما زالت في «حالة رائعة».
واستطاع الفريق البحثي أيضاً تحديد عمرها ونظامها الغذائي وكيفية إعدادها من قبل المحنطين، في درس الباحثون اثنتين من المومياوات من بين 26 كانت معروضة في متحف فيلد في سبتمبر.
وباستخدام تقنية المسح ثلاثي الأبعاد، تمكنوا من إنشاء صور بالأشعة السينية للهياكل العظمية والقطع الأثرية التي كانت موجودة داخل التوابيت آلاف السنين.
تابوت مرن
وكان الجانب الأكثر غرابة في نعش السيدة شينيت-آ هو حقيقة أنه لم يكن به أي طبقات أو فتحات تسمح للمحنطين بوضع جسدها داخله.
ومع ذلك، كشفت عمليات المسح ثلاثية الأبعاد أنه بدلاً من بناء الكرتون حول الجسم، كما كان معتاداً لدى المصريين القدماء، تم إنشاء التابوت أولاً ثم تليينه باستخدام الرطوبة حتى أصبح مرناً، وتشكيله حول تشينت-آ.
ووضع المحنطون حشوة في قصبتها الهوائية حتى لا تنهار عندما تقف منتصبة، في حين تم قطع شق من أعلى إلى أسفل التابوت ووضعه فوق جسدها الملفوف.
وبعدما ربطوا الجزء الخلفي من التابوت، وضعوا لوحاً خشبياً عند قدميها وثبتوه في مكانه لمنعها من الحركة أثناء تشكيل التابوت.
وقال دريك: «من منظور علم الآثار، من النادر للغاية أن تتاح لك الفرصة للتحقيق في التاريخ أو مشاهدته من منظور فرد واحد».
وأضاف: «إنها طريقة رائعة حقاً بالنسبة إلينا للنظر في هوية هؤلاء الأشخاص، ليس الأشياء التي صنعوها والقصص التي اخترعناها عنهم فقط، ولكن الأفراد الفعليون الذين كانوا يعيشون في هذا الوقت».
ألوان زاهية
ولاحظ الباحثون أيضاً أن تشينيت-آ كانت ملفوفة في طبقات من الكتان الباهظ الثمن، وموضوعة في نوع من القوالب المطلية بألوان زاهية تشبه الورق المعجن الذي كان مخصصاً لدفن النخبة.
وأظهرت الصور أنها فقدت العديد من أسنانها، موضحةً أن الأسنان المتبقية عليها علامات تآكل كبيرة، ما يشير إلى أن طعامها يحتوي على حبيبات رمل أدت إلى تآكل مينا الأسنان.
وكشفت أيضاً أن المحنطين استبدلوا بعينيها أخرى اصطناعية؛ للتأكد من عدم تدهورها مع مرور الوقت.
وقال براون: «إن وجهة النظر المصرية القديمة للحياة الآخرة تشبه أفكارنا حول مدخرات التقاعد. إنها شيء تستعد له، وتدخر المال طوال حياتك، وتأمل أن يكون لديك ما يكفي في النهاية للاستمتاع بنفسك حقاً».
واستغرقت عمليات المسح نحو أربعة أيام، ومع ذلك قال الباحثون إن التحليل الكامل لنتائجهم قد يستغرق ما يصل إلى ثلاث سنوات حتى يكتمل.